السلام - الأمر في نفسه تعريضا بهم، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (١) ليكون أبلغ في النصح وأدعى للقبول، وأبعث على الاستماع لينظروا فيقولوا: ما نصحنا إبراهيم إلاَّ بما نصح به نفسه، ولوقال: فإنهم عدو لكم لم يكن بهذه المثابة، وقد يبلغ التعريض للمنصوح ما لا يبلغه التصريح، لأنه يتأمل فيه، فربما قاده التأمل إلى التقبل.
وكلمة (عدو) تستعمل في الواحد والجمع، ولذا أخبر بها عن ضمير الجمع.
﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾: استثناءٌ منقطع من ضمير ﴿فَإِنَّهُمْ﴾ واختاره الزمخشرى، أي: لكن رب العالمين ليس عدوًّا لي فإنه - سبحانه - ولى من عبده في الدنيا والآخرة.
والمعنى: فإن الذين تعبدونهم من دون الله عدو لي ولكم، فلا أعبدهم لكن أعبد خالق العالمين ومُرَبِّيهم.
﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)﴾
المفردات:
﴿أَطْمَعُ﴾: أرغب.
﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾: يوم الجزاء، مأخوذ من دانه: بمعنى جازاه.
التفسير
٧٨ - ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾:
﴿الَّذِي خَلَقَنِي﴾: صفة لرب العالمين، ووصفه تعالى بذلك وبما عطف عليه مع اندراج الكل تحت ربوبيته تعالى - زيادة في الإيضاح في مقام الإرشاد، وتصريحا بالنعم،