٨٥ - ﴿وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ﴾ (١):
قال ابن كثير: بعد أن طلب أن ينعم الله عليه في الدنيا ببقاء الذكر الجميل بعده طلب أن ينعم عليه في الآخرة بأن يجعله من ورثة جنة النعيم، وذلك لأن المؤمنين يرثون منازل الكفار في الجنة، لأنهم قاموا بما وجب عليهم لله من عبادته وحسن طاعته وعدم الإشراك به دونهم، فأحرزوا نصيبهم في الجنة، عن أبي هريرة عن رسول الله - ﷺ - قال: "ما منكم أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ ويجوز أن يسمى الحصول على الجنة وراثة لحصولهم عليها دون غيرهم، ولأنهم يتصرفون فيها كما يتصرف الوارث في ميراثه.
واستدل بدعائه - عليه السلام - بهذا مع ما تقدم من الأدعية على أن العمل الصالح لا يوجب دخول الجنة، وكذلك كون العبد ذا منزلة عند الله - عَزَّ وَجَلَّ - وإلا لاستغنى - عليه السلام - عن طلب الكمال في العلم والعمل والإلحاق بالصالحين ذوي الزلفى، وأنت تعلم أنه يحسن الإطالة في مقام الابتهال.
والمعنى: واجعلنى من عبادك الذين منحتهم نعيم الجنة ثوابا على إيمانهم بك وعبادتهم لك.
٨٦ - ﴿وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ﴾:
والمعنى: وفقه للإيمان؛ كما يلوح به تعليله بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ﴾: أي المشركين أي: اجعل أبي أهلا للمغفرة، بتوفيقه للإسلام، قال ابن عباس في تفسيرها: امنن عليه بتوبة يستحق بها مغفرتك، وكان أبوه آزر قد وعده بالإيمان، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وكف عن الدعاء.