وتكذيب قوم نوح المرسلين باعتبار إجماع الكل على التوحيد وأصول الشرائع التي لا تختلف باختلاف الأزمنة والأعصار، فمن كذب رسولًا فقد كذب الرسل، ويجوز أن يراد بالمرسلين: نوح - عليه السلام - بجعل اللام للجنس، كما يقال: فلان يركب الدواب ويلبس البرود، وماله إلا دابة وبردة.
١٠٦ - ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾:
﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ﴾: ظرف للتكذيب، والمراد بأخوته لقومه أنه ابن أبيهم، فهو شريكهم في أُخوة النسب، وقيل: من قول العرب: يا أخا تميم يريدون واحدا منهم.
﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾: أي ألا تخافون الله - عَزَّ وَجَلَّ - حيث تعبدون غيره.
١٠٧ - ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾:
أي: إني رسول من الله إليكم، صادق فما أُبلغكم عن الله من شريعة، لا أزيد فيها ولا أنقص منها، وقيل: أمين فيما بينكم لأنهم عرفوا أمانته كما عرفت قريش أمانة محمَّد - ﷺ - قبل البعثة وكانت تلقبه بالصادق الأمين.
١٠٨ - ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾:
أي: اجعلوا أنفسكم في وقاية من عذاب الله بطاعته، وأطيعوني فيما آمركم به من التوحيد والطاعة لله، وقدم الأمر بتقوى الله على الطاعة لأن التقوى سبب الطاعة.
١٠٩ - ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾:
وما أسألكم على ما أنا مُتصَدٍّ له من الدعاء والنصح أجرا من مال أو سواه، وما أجرى في دعوتي لكم إلى الحق ﴿إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فهو سبحانه الذي يؤجرني على ذلك تفضلا منه، لا غيره.
١١٠ - ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾:
أي: وإذا كنت لا أسألكم على دعوتكم أجرا، فذلك برهان على صدقي، فاتقوا الله وخافوه وامتثلوا أوامره، وأطيعوني فيما بلغتكم عنه.