ولم يقولوا: أوعظت أم لم تعظ - مع أنه أخْصَرُ - للمبالغة في بيان قلة اعتدادهم بوعظه؛ لأن المراد: سواءٌ علينا أفعلت هذا الفعل الذي هو الوعظ أم لم تكن من أهله ومباشريه أصلًا.
١٣٧، ١٣٨ - ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾:
أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا خلق الأولين وعادتهم، إذ كانوا يلفقون مثله ويسطرونه كما قال مشركو مكة للنبي - ﷺ -: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
أو ما هذا الذي نحن عليه إلا خلق الأولين - أي: دينهم وعادتهم - ونحن بهم مقتدون، كما قال مثله غيرهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (١) فنحن تابعون لهم سالكون سبيلهم، نعيش كما عاشوا ونموت كما ماتوا، وما نحن بمعذبين فلا بعث ولا جزاء.
١٣٩ - ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:
أي: فاستمروا على تكذيبهم وعنادهم، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية شديدة البرد، فكان سبب إهلاكهم من جنس جبروتهم، إن في ذلك الذي أنزله الله بعاد جزاء تكذيبهم لبرهانًا على قدرة الله، وما كان أكثر الذين تتلو عليهم، يا محمد - نبأ عاد مؤمنين برسالتك مع قيام الحجة عليهم.
١٤٠ - ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو القاهر للجبارين، الرحيم بالمؤمنين.