كريم في حق سلمان وجنوده، فلعل الناس يتعلمون حسن الظن بأَهل التقوى والأَدب معهم كما فعلت هذه النملة.
ومعنى الآية: فسار سليمان وجنوده حتى إذا أتوا على وادٍ يكثر فيه النمل ويعرف به، قالت رائدته لفصيلتها: يا أَيها النمل ادخلوا مساكنكم في جحوركم، لا تتعرضُنَّ بالبقاء فوق ظهر الأَرض لأن يهلككم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون بإهلاكهم إياكم.
هذا وننقل فيما يلي (المسألة السادسة) من تعليق القرطبى على هذه الآية الكريمة، لأهميته فما ذهبنا إليه من أن للحيوانات إدراكات عالية.
قال القرطبي: السادسة - لا اختلاف عند العلماء أن الحيوانات كلها لها أفهام وعقول، وقد قال الشافعي: الحمائم أَعقل الطير، وقال ابن عطية: والنمل حيوان فَطِنٌ شمام جدًّا يدَّخر ويتخذ القُرى، ويشقُّ الحب قطعتين حتى لا تنبت، ويشق الكزبرة أَربع قطع، لأَنها تنبت إذا قسمت شقين، ويأكل في عامه نصف ما جمع، ويستبقى سائره (١) عُدَّةً، وقال ابن العربي: وهذه خواص العلوم عندنا، وقد أَدركتها النمل بخلق الله لها، قال الأُستاذ أبو المظفر شاه نور الإسفراييني: ولا يبعد أن تدرك البهائم حدوث العالم وحدوث المخلوقات ووحدانية الإِله، ولكنا لا نفهم عنها ولا تفهم عنا... إِلخ.
ولعل الأُستاذ الإسفرايينى ذهب إِلى ذلك استنباطًا من قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ (٢). ونحو ذلك مما جاء في القرآن في هذا المعنى.
١٩ - ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾:
نقل الآلوسى في تفسيره لهذه الآية عن ابن حجر أنه قال: التبسم: مبدأ الضحك من غير صوت، والضحك: انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور مع صوت خفى، فإن كان فيه صوت يسمع من بعيد فهو القهقهة.
(٢) سورة الإسراء، من الآية: ٤٤