﴿قُصِّيهِ﴾: تتبعي أثره وتعرّفى خبره.
﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾: أبصرته عن بعد.
التفسير
١٠ - ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾:
اختلف العلماء في تفسير فراغ قلب أم موسى، فمنهم من فسره بخلوه من كل شيء إلاَّ من أمر موسى، وصح ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - كما روى ذلك التفسير عن ابن مسعود والحسن ومجاهد وعكرمة.
ومنهم من فسَّره بالخلو من الصبر، ومنهم من فسره بنسيانها وعد الله برده إليها من اليم، وقال أبو عبيدة: فارغا من الهم حيث عرفت أنه لم يغرق، وأن فرعون عطف عليه وتبناه - كما يقال: فلان فارغ البال، وقال أخرون: فارغا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد عدوه فرعون كما في قوله - تعالى -: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ أي: لا عقول فيها.
فعلا رأى ابن عباس يكون معنى الآية: وصار قلب أم موسى فارغا من كل شيء إلا من أمر موسي حيث ألقته في البحر، ولا تدرى أين ذهب الماء به، إنها كادت لشدة وجدها وحزنها على فراقه، لتظهر أنها ذهب ولدها في البحر، وتخبر بحالها معه، لولا أن ثبتها الله وصبرها لتكون من الملتزمين بتصديق الله في وعده، وعلى رأى أبي عبيدة: وصار فؤاد أم موسى فارغا من الهم حيث عرفت أنه لم يغرق. وأن فرعون وامرأته تبنياه. إنها أوشكت أن تبوح بأمره وتكشف سره إلى آخر المعنى السابق.
١١ - ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾:
كان لموسى - عليه السلام - أخت كبرى تحسن تنفيذ ما تكلف به، وكان اسمها مريم - كما قيل - فلما ألقته أمه في البحر قالت لأخته هذه: تتبعي أثره واعرفي خبره لتعرف مصيره، فأبصرته عن بعد وأهل فرعون لا يشعرون أنها أُخته، وأنها تتعرف حاله ومصيره.