وسورة الروم، وسورة مريم، وهذا يدلنا على أن في هذا الكتاب العزيز أسرارا لا يزال العقل البشري في عجز عن إدراكها، ومعرفة الحكمة فيها ومنها، مهما تكلف في توجيه ذلك المتكلفون.
على أن ذكر هذه الحروف في مفتتح هذه السور وغيرها أُسلوب من أساليب إثارة الانتباه والتيقظ لما يذكر بعدها من أغراض وأهداف.
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٤)﴾
المفردات:
﴿أَحَسِبَ﴾: أظَنّ، والحسبان كالظن: ترجيح أحد النقيضين على الآخر.
﴿لَا يُفْتَنُونَ﴾: لا يختبرون ولا يمتحنون، من قولهم: فَتن الذهب، إذا أدخله النار ليختبر جودته.
﴿صَدَقُوا﴾: آمنوا عن عقيدة وإخلاص.
﴿الْكَاذِبِينَ﴾: المنافقين في إيمانهم.
﴿أَنْ يَسْبِقُونَا﴾: أن يفوتونا ويعجزونا فلا يلاقوا جزاءَ أعمالهم.
التفسير
٢ - ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾:
(الحُسْبَانُ): ترجيح أحد النقيضين على الآخر كالظن. بخلاف الشك، فهو: التردد بينهما، وبخلاف العلم، فهو: القطع بأَحدهما، ولا يتعلق الحسبان بمعاني المفردات، ولكن بمضامين الجُمل، ولذلك يقتضي مفعولين أَصلهما المبتدأُ والخبر، أو ما يسد مسدَّهما كما هنا.


الصفحة التالية
Icon