يواجه عمله ويلقى جزاءه، فينال ثوابه أو عقابه ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)﴾ (١).
واختلاف التعبير بين ﴿لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ﴾ وبين ﴿وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ لأنه - تعالى - لما أكد الوصية بالآباء وقرن وجوب شكرهم بوجوب شكره - عز وجل - وأوجب على الولد أن يكفى والده ما يسوءُه، قطع - سبحانه - هنا وَهْم الوالد في أن يكون الولد في القيامة يجزيه حقه عليه، ويكفيه ما يلقاه من أهوال يوم القيامة، كما أوجب الله عليه ذلك في الدنيا.
﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ أي: إن وعد الله بالقيامة - والبعث متحقق ثابت لا يخلف، وذكر الآلوسي أن المراد بوعد الله: الثواب والعقاب على تغليب الوعد على الوعيد، أو هو على معناه اللغوي، وعدم إخلاف الوعد بالثواب مما لا كلام فيه، وأما عدم إخلاف الوعيد بالعقاب ففيه كلام، والحق أنه لا يخلف أيضًا، وعدم تعذيب من يغفر له من العصاة المتوعدين ليس من إخلاف الوعيد في شيء، لما أن الوعيد في حقهم كان معلقًا بشرط لم يذكر ترهيبًا وتخويفًا.
وقيل: المراد أن وعد الله بذلك اليوم حق.
﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾: بأن تلهيكم بلذاتها عن الطاعات. ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ أي: ولا يلهينكم الشيطان ويصرفنكم عن الطاعات، ويحملكم على المعاصي بتزيينها لكم.
وعن أبي عبيدة: "كل شيء غرّك حتى تعصي الله - تعالى - وتترك ما أمرك - سبحانه - به غرور، شيطانًا أو غيره" وإلى ذلك ذهب الراغب، قال: "الغرور: كل ما يغر من مال وجاه وشهوة وشيطان".