﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ أي: ثم يصير إليه خبر ذلك الأمر ويصعد إليه ليعلمه - جلَّ شأنه - موجودا كما أراده - جل وعلا - قال الآلوسي: والمراد بعروج الأمر إليه بعد تدبير - سبحانه - وصول خبر وجوده بالفعل كما دبَّر - جل وعلا - بواسطة الملك، وعرضه ذلك في حضرة قد أعدها الله للإخبار بما هو - جل وعلا - أعلم به، إظهارًا لكمال عظته وعظيم سلطنته، وذلك كعرض الملائكة عليه أعمال العباد الوارد في الأخبار: اهـ. بتصرف يسير.
ومعنى قوله - تعالى -: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ أي: في زمن متطاول يبلغ في حساب دنياكم ألف سنة مما تعدون من السنين التي تقيسون بها آجالكم وأعمالكم، وإن كان الملك يقطعه في زمن يسير كشأنه في الوحي وفي رحلة الإسراء والمعراج، وقيل معناه: يقضى قضاة ألف سنة فينزل به الملك، ثم يعرج بعد الألف لألف آخر، وقيل: المعنى أنه يدبر أمر الدنيا إلى أن تقوم الساعة، ثم يعرج إليه ذلك الأمر فيحكم فيه في يوم كان مقداره ألف سنة، نقله القرطبي.
واعلم أن أيام الله ليس فيها ليل ولا نهار، وإنما هي أزمان تحت مشيئة الله - تبارك وتعالى - وقد يقدر اليوم مرة في كتاب الله بألف سنة مما يعده البشر، وقد يقدر بخمسين ألف سنة كما جاء في بعض الآيات، وكل ذلك من باب ضرب المثل لطول أيام الله - تعالى - وقد يطول اليوم عن ذلك كله وما يعلم شئون ربك إلا هو.
﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٩) وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (١٠)﴾