أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والقاضي إسماعيل بن إسحق، وأبو عيسى الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقال أنس: إن المراد بالآية انتظار صلاة العشاء الآخرة لأن رسول الله - ﷺ - كان يؤخرها إلى نحو ثلث الليل، قال أنس: نزلت فينا - معاشر الأنصار - كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي - ﷺ - قال ابن عطية: كانت الجاهلية ينامون من وقت الغروب ومن أي وقت شاء الإنسان، فجاء انتظار وقت العشاء غريبًا وشاقًّا. اهـ.
وقال الضحاك: تَجَافِي الجُنُب: هو أن يصلي العشاء والصبح في جماعة. وقاله أبو الدرداء.
﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ أي: يسألونه - تعالى -: خائفين من غضبه وعذابه وعدم قبول عبادتهم، وطامعين في ثوابه وحسن جزائه.
﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ أي: ومن المال الذي أعطيناهم إياه ينفقون في وجوه الخير، وقيل: معناه الزكاة المفروضة (١)، اهـ: القرطبي.
١٧ - ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾:
يخبر الله - سبحانه - أنه أعد لهؤلاء الذين ذكرت محاسنهم ثوابًا عظيمًا من النعيم المقيم الذي أُخفي لهم، فلا تعلم كنهه نفس من النفوس، لا ملك مقرّب، ولا نبي مرسل، فضلا عمن عداهم بهذا النعيم الذي تبرُدُ أعينهم سرورًا به وتبتهج قلوبهم له: جزاء وفاقًا لما أخفوه من أعمالهم الصالحة في الدنيا، فإن الجزاء من جنس العمل.
قال الحسن: أخفى قوم عملهم، فأخفى الله لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر. رواه ابن أبي حاتم.
وفي معنى هذه الآية ما خرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: "يقول الله - تبارك وتعالى -: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،