يستويا عملا، حيث إن المؤمن له جنة الخلد يتمتع بنعيمها، والكافر له جهنم يتجرع غصصها خالدا فيها أبدًا.
والتعبير بقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾ بواو الجمع مع أن الضمير عائد على اثنين وهما المؤمن والكافر. لأن الاثنين جمعٌ لُغةً؛ لأنهما واحدٌ جُمِعَ مع آخر.
١٩ - ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾:
تفصيل لمراتب الفريقين في الدار الآخرة، بعد ذكر أحوالهما في الدنيا.
والمعنى: أن المؤمنين الذين صدقت قلوبهم آيات الله، وعملوا الصالحات بمقتضاها جعلت لهم جنات المأوى، أي: التي فيها يأوون ويسكنون، نزلا، أي: ضيافة لهم، وثوابًا على أعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها في الدنيا.
وإضافة الجنات إلى المأوى إشارة إلى أنها هي المأوى والمسكن الحقيقي، وأن الدنيا منزل مرتحلٌ عنه لا محالة.
٢٠ - ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾:
المعنى: وأما الذين خرجوا عن الإيمان إلى الكفر فمسكنهم ومقامهم النار، في مقابل جنات المأوى التي أعدت للمؤمنين، هؤلاء الكافرون كلما دفعهم لهيب النار إلى أعلاها فشارفوا الخروج منها وقربوا منه رُدوا إلى موضعهم فيها ودفعوا إلى قعرها، قال الفضيل: "والله إن الأيدى لموثقة وإن الأرجل لمقيدة، وإن اللهيب ليرفعهم والملائكه تقمعهم" (١) وقيل لهم على لسان الخَزَنَة تقريعًا وتشديدًا زيادة في غيظهم: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ في الدنيا مستمرين على تكذيبكم بعذابها، وهذا دليل على أن المراد هنا بالفاسق: الكافر، إذ التكذيب يقابل الإيمان.

(١) تقمعهم: تضربهم بالمقمعة - بكسر الأول - وهي خشبة يضرب بها الإنسان على رأسه ليذل ويهان. اهـ: المصباح وفي القاموس: المقمعة - كمكنسة -: العمود من حديد يضرب به رأس الفيل، وخشبة يضرب بها رأس الإنسان، والفعل كمنع، ويقال: قمعه، وأقمعه.


الصفحة التالية
Icon