وتعالى -: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ ولم يقل: (منه) أي: من الأظلم (منتقمون) لأنه إذا جعله أظلم من كل ظالم، ثم توعد المجرمين جميعًا بالانتقام منهم، فقد دل بذلك على إصابة الأظلم بالنصيب الأوفر من الانتقام، ولو قال: (منه) لم تحصل هذه الفائدة.
وجوز أن يراد بالمجرمين الأظلم المذكور، وقد أقيم المظهر مقام المضمر الراجع إلى (مَن) باعتبار معناها، وكأنه قيل: إنا منهم منتقمون، واختير هذا التعبير ليؤذن الإتيان بالمظهر أن علة الانتقام ارتكاب هذا المُعْرض مثل هذا الجرم العظيم.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)﴾
المفردات:
﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ أي: فلا تكن في شك من لقائك الكتاب مثله، والمرية: اسم من امترى في أمره: شك.
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً﴾ أي: قادة يقتدى بهم في دينهم.
﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ أي: يعلمون التوراة علمًا لا يداخله أي شكّ، واليقين: العلم الحاصل عن نظر واستدلال، ويَقِن الأمرُ من باب تَعِب: إذا ثبت ووضح، ويستعمل أيضًا متعديًا بنفسه وبالباء، فيقال: يقنته ويقنت به.