المفردات:
﴿لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾ أي: لا يفرون، والفار يُوَلّى دبره.
﴿مَسْئُولًا﴾: مطلوبًا الوفاءُ به.
﴿لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾: لا تنتفعون بالبقاء إلا زمنًا قليلًا.
﴿يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ﴾: يمنعكم من قضائه خيرًا كان أو شرًا.
التفسير
١٥ - ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾:
قال يزيد بن رومان: هم بنو حارثة همّوا يوم أُحد أن يفشلوا مع بني سلمة، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله على أن لا يعودوا لمثل ما فعلوا.
وهذه الآية الكريمة تعيب عليهم نكوصهم في عهدهم في غزوة الخندق، حيث كانوا ضمن المنافقين المستأْذنين في الرجوع من المعركة لحفظ بيوتهم من الأَعداءِ، بحجة أَن بها عورة وخللًا، وتُذكّرهم بوجوب الوفاءِ بالعهد.
والمعنى: وقد كان هؤُلاءِ المنافقون المعتذرون عاهدوا الله أمام رسوله من قبل هذه الغزوة أن لا يعودوا للفشل الذي هموا به يوم أُحد، فلا يولون الأَدبار في حروب الرسول مع الكافرين، وكان الوفاءُ بعهد الله مطلوبًا، فما بالهم يستأذنون في العودة إلى بيوتهم في أَصعب أحوال الحرب بين الإِسلام والكفر.
١٦ - ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾:
قل - أيها الرسول - لهؤلاءِ المعتذرين الفارين من المعركة: لن ينفعكم الفرار من الموت حتف أُنوفكم إن قضى الله بذلك، أو من القتل إن قضى الله أَن تقتلوا وإذا فررتم من أَحدهما فسيدرككم ما قضاه الله عليكم منهما، وإذًا لا تمتعون بالفرار إلا زمانًا قليلًا مهما طال، فإن متاع الدنيا قليل مهما طال الأَجل.