وأَخرج ابن جرير عن قتادة قال: (دخل نساءٌ على نساء النبي - ﷺ - فقلن: قد ذكركن الله - تعالى - في القرآن وما ذُكرنا بشيء، أمَا فينا ما يذكر، فأَنزل الله:

﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ﴾، وهناك روايات أُخرى غير ما ذكر، ولا مانع أن تجتمع كلها في سببية النزول.
ومعنى الآية: إن الداخلين في السلم الخاضعين لحكم الله والخاضعات والمصدقين ما يجب التصديق به والمصدقات، والمطيعين الله تعالى والمطيعات، والصادقين في القول والعمل والصادقات، والصابرين على الطاعات وعن المعاصي والصابرات، والمتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم والمتواضعات والمتصدقين بما يحسن التصدق به والمتصدقات والصائمين الصوم المفروض والصائمات، أعد الله لمن اجتمعت فيهم هذه الصفات مغفرة لصغائر ذنوبهم، وأجرًا عظيمًا على طاعتهم.
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)﴾
المفردات:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ﴾: وما صح ولا استقام.
﴿إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ أَي: إذا قضى رسول الله، وذكر لفظ الجلالة لتعظيم أمره - ﷺ - بالإشعار بأَن قضاءَه من قضاءِ الله تعالى.
﴿الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾: الخيرة: مصدر من تخير، كالطِّيَرَة: مصدر من تطيَّر، ولم يجىء مصدرًا في هذا الوزن سواهما - على ما قيل - أي: وما كان لهم أَن يختاروا من أَمرهم ما شاءُوا، وجمع الضمير في (لهم) لرعاية المعنى، لوقوع مؤمن ومؤمنة في ساق النفى فتعمّ.


الصفحة التالية
Icon