يتزوجها بتزويج الله إيَّاها له، فلما اشتكى زيد للنبي - ﷺ - خُلُقَ زينب وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها، قال له النبي - ﷺ - على جهة الأدب والوصية: اتق الله في قولك، وأمسك عليك زوجك، وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها، وهذا هو الذي أخفى في نفسه، ولم يرد أن يأْمره بالطلاق، لما علم أنه سيتزوجها، وخشى رسول الله - ﷺ - أن يلحقه قول من الناس في أَن يتزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه وقد أمره بطلاقها، فعاتبه الله على هذا القدر من أنه خشى الناس في شيءٍ قد أَباحه الله له، بأَن قال: "أمْسِكْ" مع علمه أنه يطلق، وأعلمه أن الله أحق بالخشية في كل حال. قال القرطبي: قال علماؤنا: وهذا القول أَحسن ما قيل في تأْويل هذه الآية، وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين: كالزهرى والقاضى بكر ابن العلاء القشيرى، والقاضى أبو بكر بن العربى وغيرهم. اهـ.
هذا وللقصَّاص كلام فيما كان يخفيه رسول الله - ﷺ - من أَمر زينب يدور حول حبه لها، وحدوث رغبته في طلاقها ليتزوجها، وهذا الكلام من وضع الزنادقة ولا يليق إلصاقه بالنبي - ﷺ - ولو كان يريد أن يتزوجها أو كان يحبها لكان قد خطبها بكرًا، وكان ذلك أولى به - ﷺ - من أن يتزوجها ثَيِّبًا بعد طلاق عتيقه ومتبناه لها، ولكنها مشيئة الله لكي يقطع دابر عادة التبنى التي كانت فاشية في العرب، وكانت زوجة المتبنى حرامًا على أبيه بالتبنى كالنسيب سواءٌ، بسواءٍ وفي النص القرآنى ما يقطع بكذب هؤلاء الوضاعين، فإن الآية دلت على أن النبي - ﷺ - أخفى في نفسه ما الله مبديه ومظهره، والله لم يظهر حبه لها، بل أَظهر تزويجه إيَّاها بقوله: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ فهذا التزويج الذي أوحاه الله إليه تَحَرَّج منه النبي - ﷺ - فأَخفاه في نفسه، وهو الذي أظهره الله في كتابه، كما أظهره بين الناس، قال الخفاجي: واضح أن الله - تعالى - لما أراد نسخ تحريم زوجة المتبنى أَوحى إليه - عليه الصلاة والسلام - أن يتزوج زينب إذا طلقها زيد، فلم يبادر له - ﷺ - مخافة طعن الأَعداءِ فعوتب عليه. اهـ - وهذا هو الحق الذي لا ينكره إلاَّ حقود جهول، وكذاب حقير.