ومن بدائع التنزيل هذه المواءَمة بين ما منَّ الله به على داود وما منَّ به على سليمان عليهما السلام، فإن الله تعالى ذكر ثلاثة أشياءَ لداود وثلاثة أَشياءَ لسليمان وناسب بينهما، فالجبال المسخرة لداود يناسبها الريح المسخرة لسليمان، وتسخير الطير يناسب تسخير الجن، وإلانة الحديد تناسب إسالة النحاس. وهكذا تتقارب النعم بينهما لتقوى الصلة بين الولد وأبيه.
﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)﴾
المفردات:
﴿قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ﴾: أوقعنا على سليمان الموت، وحكمنا عليه به.
﴿دَابَّةُ الْأَرْضِ﴾: هي الأَرَضة - بفتحات - وهي دُوَيْبة تأْكل الخشب ونحوه وتسمى سُرْفة، كما تسمى سوس الخشب، وإضافتها إلى الأَرْض من إضافتها إلى ما تحدثه وهو الأَرْض، أي: أَكل الخشب ﴿مِنْسَأَتَهُ﴾: عصاه، سميت بذلك لأَنه ينسأُ ويطرد بها، من نسأْت الكلب إذا طردته.
﴿خَرَّ﴾: سقط على الأرض.
﴿تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾: علِمَت، من تبين الشيءُ إذا ظهر بعد التباس.
﴿مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ﴾: ما مكثوا فيه وأَقاموا عليه.
﴿الْمُهِينِ﴾: البالغ الحد في المهانة والذِّلَّة.
التفسير
١٤ - ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾:
جرت هذه الآية على نمط القصص القرآني من طي ما يعلم من أُسلوب القصة ويُفْهمُه


الصفحة التالية
Icon