يدخل الله - تعالى - الليل في النهار فيزيد النهار وينقص الليل، وذلك في فصلي الربيع والصيف، ويدخل النهار في الليل، فيزيد الليل وينقص النهار، وذلك في فصلي الخريف والشتاء، وأجرى الشمس والقمر خاضعين لمشيئته، كل منهما يجري في فلكه، ويرسل نوره لأجل سماه الله، وهو يوم القيامة، أو هو مدة الدورة في كليهما، فدورة القمر تستغرق شهرًا قمريًا، ودورة الشمس تستغرق سنة شمسية، ثم يعود كلاهما لابتداء دورة جديدة، ذلكم العظيم الشأن الذي أبدع هذا النظام هو الله ربكم له وحده الملك كله، لا شريك له فيه، والذين تدعونهم آلهة غيره من الأصنام ما يملكون قشرة نواة.
١٤ - ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾: إن تدعوهم يا عابديهم لتفريج كرب أو قضاء حاجة لا يسمعوا دعاءكم؛ لأنها جمادات، ولو سمعوا علي سبيل الفرض والتقدير ما حققوا دعاءكم لعدم قدرتهم على النفع والضر، ويوم القيامة يتبرأون من إشراككم بألسنة مقالهم يخلقها الله لهم، أو بألسنة حالهم قائلين: ما نحن آلهة وما أمرناكم بعبادتنا، وما كنتم إيانا تعبدون وإنما كنتم تعبدون هواكم.
ويحتمل أن تكون الآية عامة لمن عبد الأصنام والملائكة والبشر كعيسى - عليه السلام - وعدم سماع الملائكة وعيسى لهم؛ لأنهم في شغل عنهم بها هم فيه، أو لأن التي صان أسماعهم عن ذلك الدعاء لقبحه، ولو سمعوا ما استجابوا لهم.
* ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾
المفردات:
﴿أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: المحتاجون إليه.
﴿هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ أي: المستغنى عما سواه بالذات، المحمود بكل لسان.


الصفحة التالية
Icon