﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ أي: ما من أمة مضى فيها نذير من نبي أو عالم يقال: مضى يمضي مضيا: خلا.
﴿وَبِالزُّبُرِ﴾ أي: الكتب: جمع زبور، فعول من الزبر بمعنى الكتابة، والزبور كتاب داود - عليه السلام - ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من الأَخذ: بمعنى الإِيقاع بالشخص وإنزال العقوبة به.
﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ أي: فكان إنكاري عليهم شديدا بليغا.
التفسير
٢٤ - ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾:
المعنى: إنا أرسلناك - أيها النبي - محقين بإرسالك لتكون بشيرا بالوعد الحق، ونذيرا بالوعيد الحق، وما من أمة من الأُمم التي وجدت في الأزمنة السابقة إلا سلف فيها نذير من نبى أَو عالم، قام بما كلف به من نذارة أَو بشارة، والاكتفاء بقوله: "نذير" للعلم بأَن النذارة قرينة البشارة، ولا سيما أنهما اقترنتا في صدر الآية.
٢٥ - ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾: الآية تسلية للرسول - ﷺ -.
والمعنى: وإن أصر هؤلاء المكذبون من كفار قريش على تكذيبهم إيَّاك، فلا تبال بهم، ولا تعبأْ بإِعراضهم؛ لأَنه قد كذب الذين من قبلهم من الأُمم الفانية التي اتبعت هواها، وقد جاءتهم رسلهم بالمعجزات الباهرة، والآيات والبراهين البيِّنة، والشرائع الموضحة الدالة على نبوتهم، وصدق دعوتهم، كما جاءتهم الصحف الإلهية كصحف إبراهيم، وبالكتاب الذي يشع نورًا وحكمة كالتوراة والإنجيل - على إرادة التفصيل -، يعني: أَن بمعنى الرسل جاءَ بالبينات لقوم، وبعضهم جاء بالزبر لآخرين، وبعض جاءَ بالكتاب المنير لغيرهم، لا على معنى إرادة الجمع وأن كل رسول جاء بجميع ما ذكر، ويلاحظ أن البينات بمعنى الدلائل أو الشرائع جاءت لجميعهم.