﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ أي: لا يقنعون بتلاوته عن حلاوة العمل بما دعا إليه، فيقيمون الصلاة فرضًا ونفلًا، وينفقون ممَّا آتاهم الله كيفما تيسر لهم الإنفاق في السر أو العلانية، وقيل: السر في الإنفاق المسنون، والعلانية في الإنفاق المفروض.
وكون الإِنفاق ممَّا رزقوا إشارة إلى أَنهم لم يُسْرِفوا ولم يبسطوا أيديهم كل البسط، فمِنْ للتبعيض، ومقام المدح يشعر بأَنهم تحروا الحلال الطيب.
﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ أَي: يرجون بما قدموا من الطاعات معاملة مع الله لنيل ربح الثواب، فالتجارة مجاز عن ذلك، وهذه تجارة لن تهلك ولن تكسد، وجملة ﴿لَنْ تَبُورَ﴾ صفة لتجارة جىءَ بها للدلالة على أنها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران؛ لأَنها اشتراءُ باقٍ بفان، وفيه إِشعار بأَنهم لا يقطعون برواج تجارتهم عند الله، بل يأْتون ما أَتوا من الطاعات وقلوبهم وجلة أَلاَّ يقبلها الله منهم.
٣٠ - ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾:
قوله - سبحانه -: ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ﴾ متعلق بـ ﴿لَنْ تَبُورَ﴾ أَي: لن تبور ليوفيهم أُجور ما قدموا من الطاعات والأعمال الصالحة، ويزيدهم عليه من خزائن فضله، وفيض إنعامه. ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾: تعليل لما قبله من التوفية والزيادة، أي: غفور للذنوب، شكور يقبل القليل من العمل الخالص، ويثيب عليه الجزيل من الثواب.


الصفحة التالية
Icon