﴿الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ أَي: أزال جنس الحزن الشامل لأَحزان الدنيا والآخرة.
﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ﴾ أَي: تعب ومشقة، يقال: نَصِب كفرح إذا تعب وأَعيا.
﴿وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ أَي: إعياءٌ وكلال من التعب، يقال: لغب لَغْبًا ولغوبًا، كمنع: أَعيا أَشد الإِعياء.
التفسير
٣١ - ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾:
المعنى: والقرآن الذي أَوحيناه إليك - أَيها النبي - هو الحق مصدقا لما تقدمه من الكتب السماوية، بمعنى أنه لا ينفك عن التصديق لها وموافقته إِيَّاها في العقائد وأُصول الأَحكام، وهو - سبحانه - محيط ببواطن أمور عباده وظواهرهم، فَعِلمكَ وأَبصر أَحوالك، ورآك أهلًا لأن يوحى إليك مثل هذا الكتاب المعجز الذي اشتمل على سائر الكتب.
٣٢ - ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾:
المعنى: نحن أَوحينا إليك القرآن الكريم ثم قضينا بتوريثه منك الذين اصطفيناهم من عبادنا، وهم - كما قال ابن عباس وغيره -: أُمته من الصحابة والتابعين وتابعيهم من بعدهم ممن يسير سيرتهم إلى يوم القيامة، أَو أُمته بأَسرهم، فإن الله اصطفاهم على سائر الأُمم وجعلهم أُمة وَسَطًا، واختصهم بكرامة الانتماء إلى أَفضل رسله - عليهم الصلاة والسلام - وليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله - تعالى -: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ﴾ (١) والتعبير عن الإِيراث بلفظ الماضي لتحقق وقوعه، ولأَنهم ورثوه أزلًا في علم الله.