وذِكْرُ قوله - تعالى - ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾: بين أوقات التسبيح، للإيذان باستحقاقه - تعالى - الحمد من أهل السموات والأرض على نعمه بالإضافة إلى تسبيحه، قال العلامة أبو السعود: قدمت ﴿وَعَشِيًّا﴾ على ﴿حِينَ تُظْهِرُونَ﴾ مراعاة للفواصل، وقال الآلوسي: وتخصيص الأَوقات المذكورة بالذكر لظهور آثار القدرة والعظمة والرحمة فيها، وقدم الإمساء على الإصباح لتقدم الليل والظلمة، وقدم العشي على الإظهار لأنه بالنسبة إلى الإظهار، كالإمساء بالنسبة إلى الإصباح.
والمعنى: فَصَلاَةً، أو فتنزيهًا لله عما لا يليق به حين تدخلون في الظلام بعد النور، وحين تدخلون في الصباح والنور بعد الظلام، وله الحمد استحقاقًا وأداءً في السموات والأرض على توالي نعمه على من فيهما، وتنزيهًا له آخر النهار وحين تدخلون في الظهر.
أخرج أبو داود وغيره عن ابن عباس عن رسول الله - ﷺ -: (من قال حين يصبح: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ إلى قوله - تعالى -: ﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ أدرك ما فاته في ليلته، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في يومه).
١٩ - ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾:
درج المفسرون على تفسير هذه الآية ومثلها بنحو قولهم: يخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي، ويخرج الدجاجة الحية من البيضة الميتة، ويخرج البيضة الميتة من الدجاجة الحية، وهذا التفسير مأثور عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما، والواقع أن النطفة ليست ميتة وكذلك البيضة، فالنطفة مليئة بالحيوانات المنوية التي لا تحصى، فإذا التقت نطفة الرجل ببويضة المرأَة في القناة الفالوبية التي توصل الرحم بمبيض المرأة، لقحتها بأقوى حيواناتها المنوية ونشأ عن هذا التلقيح الخلية الأولى للجنين، وكذا الأمر بين نطفة الديك وبيضة الدجاجة، وقد شرحنا ذلك علميًّا في تفسير قوله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ.. ﴾ (١).

(١) الآية رقم (٥) من سورة الحج.


الصفحة التالية
Icon