٣٩ - ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾:
والقمر جعلناه بتدبير محكم وتنظيم دقيق منازل، يبدو أَول الشهر ضئيلا، ثم يزداد نوره حتى يكتمل بدرا، ثم يأْخذ في النقصان في أَواخر سيره حتى يعود في مرآه كأَصل الشمراخ إذا قدُم فدق وانحنى واصفر.
٤٠ - ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾:
إن الله - تعالى - قسم لكل واحد من الليل والنهار قسما من الزمان، وضرب لهما حدا معلومًا، ودبَّر أَمرهما على التعاقب، فلا ينبغي للشمس التي هي آية النهار أَي: لا يصح ولا يستقيم لها أَن تدرك القمر الذي هو آية الليل فتجتمع معه في وقت واحد، وتداخله في سلطانه، فتجعل الليل نهارًا، ولا الليل بظلامه غالب النهار فيجعله ليلًا.
وكل واحد من الشمس والقمر في مجراه الذي حدده الله له يسيران فيه كالسابح في الماء، ويدوران حسب النظام الذي وضعه الله، ولا يزال الأَمر على هذا الترتيب إِلى نهاية العالم حيث تطلع الشمس من مغربها في آخر الزمان، وجعلت الشمس غير مدركة والقمر غير سابق؛ لأَن الشمس لا تقطع فلكها إلا في سنة، والقمر يقطع فلكه في شهر فكانت الشمس جديرة بأَن توصف بالإِدراك لتباطؤ سيرها عن سير القمر، والقمر خليقًا بأَن يوصف بالسبق لسرعة سيره في رأي العين.
﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤)﴾
المفردات:
﴿ذُرِّيَّتَهُمْ﴾: أولادهم، وقال الطبري: من نجا من ذرية آدم، وسيأْتي بيان ذلك.
﴿الْمَشْحُونِ﴾: المملوءِ.
﴿فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ﴾: فلا مغيث لهم من الغرق.