ولولا وجود الحياة في كل ذلك لما وجدت الأجنَّةُ في البطون ولا الفراخ في البيض وقد عُرفت كل هذه الحقائق بالمناظير المكبرة وبالتجارب، فمن لا حياة في نطفته أو في بويضة امرأته فهو عقيم، وهي عاقر، وكذا الأمر في الدجاج.
ولعل هذا التفسير المأثور عن السلف ناشيء إما عن قصور علم الأجنة عند الناس وقئئذ أو أنه على سبيل المجاز فإن هذه النطفة بالنسبة إلى الإنسان، والبيضة بالنسبة إلى الدجاجة تعتبر كالشيء الميت، فإن الفرق بينهما بعيد المدى، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ولعل التفسير الواضح القائم على الحقيقة أن يقال: يخرج الحي من الميت كالإنسان من التراب ويخرج الميت من الحي كالسقط الميت من المرأة الحية.
ومن العلماء من فسرها تفسيرًا مجازيًا بطريقة أخرى، فقال: يخرج العالم من للجاهل، ويخرج الجاهل من العالم، ويخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، وعلى هذا فالمراد من الحياة والموت في الآية العلم والجهل، أو الإيمان والكفر على سبيل المجاز.
وقد شرحنا مثل هذه الآية في سورة آل عمران باستيفاء فارجع إليها إن شئت.
والمعنى الإجمالي للآية: يُخرج الله بقدرته الحي من الميت كالإنسان والحيوان من التراب مباشرة أو عن طريق الأغذية، ويخرج الميت من الحي كالسقط الميت من المرأة، والبيضة العقيم من الدجاجة، ويحيي الأرض (١) بالماء والنبات بعد يبسها وفقدان منفعتها، مثل ذلك الإخراج البديع تُخرَجُون من قبوركم للحساب والجزاء، فكيف تنكرون البعث وأنتم ترون آياته في الإحياء والإماتة، أليس في كل خَلَف بعثٌ لسلفه الميت؟.