التفسير
٤٨ - ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
ويقول المشركون للرسول والمؤمنين - استبعادا للبعث وإنكارا له واستهزاءً بالمؤمنين -: متى يقع هذا الذي وعدتمونا به ويتحقق؟ إن كنتم صادقين فيما تقولون وتعدوننا به فأَخبرونا بذلك، يقولون ذلك لأنهم كانوا يتلون عليهم الآيات الدالَّة عليه والآمرة بالإيمان باللهِ وبالبعث.
٤٩ - ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾:
جواب من الله - تعالى - أَي: ما ينتظرون إلا صيحة واحدة عظيمة وهي النفخة الأُولى في الصور التي يموت بها الناس، ولأَن الصيحة لا بد من وقوعها جعلوا كأَنهم منتظرون لها تهكما بهم ﴿تَأْخُذُهُمْ﴾ أَي: تقهرهم وتستولي عليهم فيهلكون وهم يتخاصمون ويتنازعون في معاملاتهم ومتاجرهم لا يخطر ببالهم شيء من مخايلها كقوله - تعالى -: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (١) أَخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "لتَقُومَنَّ الساعة وقد نشر الرجلان ثَوْبَهُما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطْوِيانِه، ولتقومنَّ الساعةُ والرجل يليط (٢) حوضه فلا يُسْقَى منه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن نعجته فلا يطْعمُه، ولتقومن الساعة وقد رفع أُكلَتَهُ (٣) إِلى فمه فلا يطعمها" إ هـ: آلوسى.
٥٠ - ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾:
فلا يستطيعون لسرعة ما نزل بهم توصية على ما يملكون ولا أَن يوصوا بشيءٍ في أمورهم لأَن الأَمر أَهم من ذلك، ولا إِلى أَهلهم ومنازلهم يرجعون إذا كانوا في خارج ديارهم، بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيثما كانوا ووجدوا، ويرجعون إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - لا إِلى غيره - سبحانه -.
(٢) يليط حوضه: يطينه واللياط - ككتاب -: الجص.
(٣) أكلته - بالضم -: اللقمة، - وبالفتح -: للمرة من الأكل.