﴿عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُون﴾: على السرر المنجدة المزينة بالستور متكئون، والظاهر أن المراد بالأزواج: أزواجهم المؤْمنات كن لهم في الدنيا، وقيل: أزواجهم اللاتي زوجهم الله - تعالى - إياهن من الحور العين، كما يجوز أن يكون المراد بأزواجهم أَشكالهم في الإحسان، وأَمثالهم في الإيمان.
٥٧ - ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُون﴾:
بيان لما يتمتعون به في الجنة من المآكل والمشارب وما يتلذذون به من الملاذ الجسمية والروحية بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الأُنس ومحافل المتعة تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة.
والمعنى: لهم في الجنة فاكهة كثيرة من خير أنواعها، لا مقطوعة ولا ممنوعة، مذلَّلة لهم إن شاءُوا أكلوا، وإن شاءُوا أمسكوا، ولهم فيها كل ما يطلبونه ويتمنونه.
٥٨ - ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾:
أي: سلام يقال لهم قولًا من جهة رب رحيم، أي: يسلم عليهم الله - جل جلاله - بلا وسيط تعظيمًا لهم، فقد أخرج ابن ماجة وجماعة عن جابر قال: قال النبي - ﷺ -: "بينما أهلُ الجنةِ في نعيمٍ إذ سطع لهم نورُ فرفعوا رءُوسَهم فإذا الربُّ قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهلَ الجنةِ وذلك قول الله - تعالى -: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ قال: فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم".
وقيل: يسلم عليهم عن طريق الملائكة لقوله - تعالى -: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ (١).. وروى ذلك عن ابن عباس، يقول الآلوسي: وعلى الأَول الأكثرون، وأَقول: لا منافاة، فالله - سبحانه وتعالى - يسلم عليهم والملائكة كذلك.

(١) سورة الرعد، من الآيتين: ٢٣، ٢٤.


الصفحة التالية
Icon