المفردات:
﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾: من منِيٍّ، أُطلقت عليه لأنه ينطف، أي: يصب في الرحم، من النطف وهو الصب.
﴿خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾: شديد الخصومة واضحها.
﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ أي: جعل لنا مثلًا ونظيرًا من الخلق.
﴿وَهِيَ رَمِيمٌ﴾: وهي بالنية أشد البلى، وهي فعيل بمعنى فاعل من رمَّ إذا بلى، ولم يؤنث مع المؤنث لأنه أُلحق بالأسماء الجامدة لغلبة استعماله دون موصوف، وقيل: هو اسم مفعول من رممته بمعنى أبليته، وهو إذا كان كذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث كقتيل.
التفسير
٧٧ - ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾:
بعد ما بين بطلان شركهم، وأقام الدليل على أنه - تعالى - هو المستحق للعبادة وحده، أتبع ذلك إقامة البرهان على أَن البعث حق ردا على إنكارهم له.
والهمزة في ﴿أَوَلَمْ﴾ للإنكار والتعجب، والواو لعطف ما بعدها على جملة مقدرة أي: أغفل ولم ير الإنسان.
والمعنى: أغفل الإنسان المنكر للبعث، ولم يعلم أنا خلقناه من نطفة حقيرة ليس بينها وبين خلقه العظيم مناسبة تذكر، فإذا هو شديد الخصومة، واضح الجدال، إذ ينكر البعث مع أنه في قضايا العقل أيسر من الابتداء، وإن كان كلاهما في اليسر عند الله سواءٌ.
واعلم أن الإنسان مخلوق من منيّ الرجل، وماء المرأة جميعًا، فإن للمرأة ماءً كماء الرجل مع فارق سنذكره بعده، سألت امرأَة النبي - ﷺ -: "هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ " قال: "نعم إذا رأت الماء".
وفي ماءِ الرجل حيوانات منوية لا تحصى لكثرتها، ولا ترى إلاَّ بالمجهر لصغرها، وفي ماء المرأة بويضة وحيدة تفرزها كل دورة طهر بعد الحيض، فإذا التقى الرجل بالمرأة لقاء جنسيًّا


الصفحة التالية
Icon