وإذا كانوا مخلوقين من الطين على أي وجه، فكيف يستبعدون بعثهم من التراب، إذ قالوا: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ (١) مع أنهم خلقوا في أول أمرهم من تراب ممزوج بالماء فصار طينًا.
١٢ - ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)﴾:
بل: هنا لابتداء كلام آخر، كما قاله صاحب المغني في قوله - تعالى -: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (٢) وليست للعطف، نقله الخطيب معلقًا على البيضاوي، والخطاب للرسول وكل من يدافع عن الحق.
والمعنى: بل عجبت يا منصف الحق من قدرة الله على ما خلقه من الكائنات العلوية أو السفلية، ومع هذا ينكر الكافرون البعث، ويسخرون من تعجبك وتقريرك للبعث.
١٣ - ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣)﴾:
وإذا وعظوا ليؤمنوا بالبعث لا يتعظون، لقساوة قلوبهم، وقلة فطنتهم.
١٤ - ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾:
السين والتاء في "يستسخرون" للمبالغة، والمعنى: وإذا شاهدوا معجزة تدل على صدق من يعظهم ويدعوهم إلى ترك ما هم عليه، يبالغون في السخرية، ويجوز أن تكون السين والتاء للطلب، أي: يطلب بعضهم من بعض أَن يسخروا.
١٥ - ﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾:
أي: وقالوا في شأن الآية التي رأوها: ما هذا الذي نراه إلاَّ سحر واضح.
١٦، ١٧ - ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ﴾:
أي: أنُبعث نحن وآباؤنا الأولون إذا متنا جميعًا، وتحولت أجسادنا إلى تراب وعظام؟ يقولون ذلك منكرين نافين للبعث، والهمزة في "أئذا" وفي "أئنا" للإنكار والنفي.
(٢) سورة الأعلى، الآية: ٦.