مختارين له، مصرين عليه دون إجبار، وإنما دعوناكم إلى الضلال فأجبتم لموافقة هواكم لما دعيتم إليه.
٣١ - ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (٣١)﴾:
ذلك - أيضًا - من قول المتبوعين، وهو تفريع على ما تقدم من عدم إيمان المتخاصمين، وكونهم قوما طاغين في حد ذاتهم. أي: وجب علينا وعليكم قول ربنا: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)﴾ فكلنا ذائقو العذاب الذي ورد به الوعيد.
فكأنهم قالوا: ولأَجل أَننا جميعًا لم نكن مؤْمنين، وكنا قوما طاغين، وثبت علينا وعيد ربنا بأنا ذائقون لا محالة لعذابه - عَزَّ وَجَلَّ -.
٣٢ - ﴿فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (٣٢)﴾:
أي: فدعوناكم إلى الغواية، وزينا لكم ما كنتم عليه من الكفر، فاستجبتم لنا باختياركم واستحبابكم الغي على الرشد.
﴿إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾ جملة مستأنفة لتعليل ما قبلها، أي: إنما أغويناكم لتكونوا مثلنا في الغواية - والمراد الكفر - وهذا كقولهم: ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا﴾ (١).
٣٣ - ﴿فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ في الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾:
المعنى: أن الفريقين المتسائلين - المضِل والمضَل - يوم إذ يتساءلون. وهو يوم القيامة هم في العذاب الذي استحقوه مشتركون. كما كانوا مشتركين في الكفر والغواية، واستظهر أن المغوين أشد عذابا لإغوائهم لغيرهم مع ضلالهم، فالشركة لا تقتضي المساواة.