﴿لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾ أي: لشرابًا ممزوجًا من ماء شديد الحرارة يقطع أَمعاءَهم، قال الفراء: شابَ طعامه وشرابه: إذا خلطهما بشيء يشوبهما.
﴿ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ﴾ أي: إن مرجعهم ومردهم إلى دركات جهنم بعد أن ذهب بهم من مقارهم فيها إلى شجرة الزقوم ليأكلوا منها ويملأوا بطونهم.
التفسير
٦٢ - ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾:
ذلك من كلامه - عز وجل - عند الأكثرين لا من كلام القائل، وهو متعلق بقوله - تعالى -: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١)﴾:
والمعنى: أذلك الرزق المعلوم الذي حاصلهُ اللذة والسرور، خير نزلا وطعاما أم شجرة الزقوم التي حاصلها الهم والغم، ويراد من التفاضل بين النزلين التوبيخ والتهكم، وهو أسلوب كثير الورود في القرآن الكريم، ومعنى ذلك: أن الرزق المعلوم اللذيذ نزل أهل الجنة الذي يقدم لهم، وأهل النار نزلهم شجرة الزقوم، فأيهما خير نزلًا؟.
٦٣ - ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ﴾:
أي: جعلنا شجرة الزقوم محنة وعذابًا لهم في الآخرة، وابتلاءً لهم في الدنيا، فإنهم لما سمعوا أنها في النار قالوا: كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر؟ ولم يعلموا أن إبراهيم - عليه السلام - أُلقي في النار ولم تحرقه، فالله أقدر على خلق الشجر في النار، وحفظه من الاحتراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه ومشيئته. على أنه لا يستحيل في العقل أن يخلق الله في النار شجرًا من جنسها لا تأكله النار، كما يخلق الله فيها الحيات والعقارب وخزنة النار. واختلف في شأنها على قولين:
الأول: أنها معروفة من شجر الدنيا يعرفها العرب بتهامة من أخبث الشجر وأقبحه منظرا وطعمًا.
والثاني: أنها لا تعرف في شجر الدنيا، فلما نزلت هذه الآية قال كفار قريش: ما نعرف هذه الشجرة.


الصفحة التالية
Icon