التفسير
١٦ - ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾:
حكاية لما قالوه عند سماعهم تأخير عقابهم إلى الآخرة، أَي: قالوا بطريق الاستهزاء والسخرية: يا ربَّنا عجِّل لنا قِطَّنا ونصيبنا من العذاب الذي تتوعدنا به ولا تؤخره إلى يوم الحساب الذي مبدؤه الصيحة المذكورة.
وتصدير دعائهم بالنداء المذكور للإمعان في الاستهزاء، كأَنهم يدعون إلى ذلك بكمال الرغبة والابتهال، والقائل - على ما رُوي عن عطاء -: النَّضر بن الحارث وهو الذي قال الله فيه: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ (١) وأبو جهل - على ما رُوي عن قتادة - وعلى القولين فالباقون راضون عن هذه السخرية، فلذا جىءَ بضمير الجمع.
والقِط: القطعة من الشيء، من قَطَّه: إذا قطعه، ويقال لصحيفة الجائزة (٢): قِطٌّ؛ لأنها قطعة من القرطاس، وقد فسَّره بها أبو العالية والكلبي، أَي: عجِّل لنا صحيفة أعمالنا لننظر فيها، وجاء في رواية أخرى: أَنهم أرادوا نصيبهم من الجنَّة، وروى ذلك عن قتادة وابن جبير، وذلك أَنهم سمعوا رسول الله - ﷺ - بذكر وعد الله - تعالى - المؤْمنين الجنة فقالوا على سبيل الاستهزاء: عجل لنا نصيبنا منها، لنتنعم به في الدنيا. قال الفراءُ: القِطُّ في كلام العرب: الحظ والنصيب.
﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)﴾
(٢) أَي: صحيفة العطاء.