(وَاهْدِنَا) دُلَّنا وأرشدنا وأرشدنا.
(سَوَاء الصِّراطٍ) وانراد: الطريق السوى، وهو من إضافة الصفة للموصوف.
التفسير
ذكر - سبحانه - في الآيات السابقة أن نبى الله داود كان عبدا لله، قويا في دينه، توابا ورجاعا إلى ربه، وأنه - جل ثناؤه - سخر الجبال معه تسبح في العشى والإشراق وكذلك جمع له الطير كل يقدس الله ويعظمه، وأنه - تعالى - قوى ملكه وأعطاه القول الحق والمنطق الفصل. ثم أتى - عز علاه - بعد ذلك بتلك القصة العجيبة، وساقها في كتابه الكريم المنزل لتدل على أن الكمال المطلق لله وحده، وقدم لها بما يشوق إليها ويجذب إلى الاستماع والإصغاء لها فقال:
٢١ - ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾:
أي: وهل جاءك يا محمد: نبأُ هؤلاء الخصماء الذين تسلقوا سور محراب داود وعلوه، ودخلوا عليه وهو متبتل لربه منقطع لعبادة مولاه؟
٢٢ - ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾:
فما إن دخلوا عليه حتى خاف وفزع منهم، إذ لم يأتوا البيت من بابه، ولم يمنعهم حراسه وخدمه من الدخول عليه، فظن - عليه السلام - أنهم يريدون به شرا، ويقصدونه بسوءٍ، ولكنهم بادروه وقالوا له: لا تخف منا فما أردنا لك كيدا، ولا أضمرنا لك شرا فشأننا وأمرنا أن أحدنا قد بغى وظلم صاجه، فجئناك ابتغاء أن تحكم بيننا بالحق والعدل، ولا تتجاوز الحد فتحيد في حكمك وتجور في قضائك، ونطلب أن ترشدنا وتدلنا على الصراط المستقيم في تلك القضية التي اختلفنا فيها.
ويبدو أن الذي كلم سيدنا داود وطلب منه الحكم بالعدل والبعد عن الجور والظلم هو ذلك الخصم الذي شعر بمرارة الظلم وفداحته، فأخرجه ذلك مَرْضيِّ القول وجميل النطق.


الصفحة التالية
Icon