والمعنى: العذاب هذا فليذوقوه، منه حميم شديد الحرارة، ومنه غساق صديد أهل النار، أو الزمهرير ولهم عذاب آخَر من شكل هذا العذاب في الشدة والفظاعة أصناف وأجناس.
٥٩، ٦٠ - ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوالنَّارِ (٥٩) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾:
الاقتحام: الدخول في شدة، والآيتان حكايته لما يقوله أهل النار بعضهم لبعض، من التلاعن والتكذيب. كما قال - تعالى - ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ (١).
تقول طائفة الرؤساء التي تدخل قبل طائفة الأتباع - نقول - إذا لحقوا بهم مع الخزنة من الزبانية: هذا فوج داخل معكم لا مرحبًا (٢) بهم، إنهم داخلون النار معنا لأنهم كفروا مثلنا، فيرد الأتباع قائلين لرؤسائهم: بل أنتم أحق بما قلتم فلا مرحبًا بكم، لأنكم ضالون مضلون، فأنتم قدمتم العذاب لنا بإغوائنا وإغرائنا على العقائد الزائغة، والأعمال القبيحة، فبئس المقر والمنزل جهنم التي نصلاها سويا.
٦١ - ﴿قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾:
أي: يقول الأتباع أيضًا: يا ربنا من تسبب في عذابنا وقدمه إلينا فزده في النار عذابًا مضاعفًا، وقد جاء مثل ذلك في سورة الأعراف، وذلك في قوله تعالى: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾ (٣).
(٢) لا سعة لهم ولا نريد لقاءهم، والرحب - بضم الراء وفتحها: السعة، كمرحبا، تقول: مرحبا أو رحبا وأهلا، أي: أتيت سعة وأهلا فاستأنس ولا تستوحش، بخلاف (لا مرحبا) فإنها على العكس، وهي تشير إلى أنهم لا يريدون لقاءهم فصدورهم لا تتسع لهم؛ لأنهم صالوا النار مثلهم فلا منفعة في لقائهم تقتضى الترحيب بهم.
(٣) سورة الأعراف، من الآية: ٣٨.