﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾: أي فاجأ فريق بالإِشراك بربهم، الذي كانوا يدعونه منيبين إليه، وذلك بنسبة خلاصهم ممَّا كانوا فيه إلى غيره من صنم أو كوكب أو غيرهما من المخلوقات.
وتخصيص الإشراك ببعضهم لما أن بعضهم ليسوا كذلك، وتنكير: (ضر ورحمة) للإشارة إلى أَنهم لعدم صبرهم يجزعون لأدنى مصيبة ويَطْغَوْن لأدنى نعمة.
٣٤ - ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾:
أي: يشركون به غيره لكي يكفروا بما آتيناهم من النعم، أو اللام للأمر قصدًا إلى التهديد والوعيد، كما يقال عند الغضب: اعصني ما استطعت، وهو مناسب لقوله - سبحانه -: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾ أي: افعلوا ما شئتم فسوف يحيق بكم عاقبة تمتعكم ووباله.
والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للمبالغة في التهديد، ثم أنكر - سبحانه - على المشركين عبادة الأوثان بلا دليل ولا برهان فقال:
٣٥ - ﴿أمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾:
في هذه الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة، للإيذان بالإعراض عنهم وتعديد جِنَاياتهم لغيرهم، أي: بل أنزَلْنَا عَلَيْهِم حجة لها سلطان يجعلهم يتكلمون بما كانوا به مشركين.
أو يراد: بل أأنزلنا عليهم مَلَكًا ذا سلطان فهو يتكلم وينطق بإشراكهم بالله - تعالى - ويبين صحته، أو ينطق بالذى يشركون بسببه، والمراد: نفي أن يكون لهم مستمسك يُعَوَّل عليه في شركهم، إذ الاستفهام للإنكار.