ونحو هذا المعنى قال الآلوسي: وجوز أن يكون المعنى في الآية: لو أراد الله أن يتخذ ولدًا لجعل المخلوق ولدًا، إذ لا موجود سواه إلا وهو مخلوق له - تعالى - والتالى محال للمباينة التامة بين المخلوق والخالق، والولدية تأبى هذه المباينة (١) فالمقدم مثله، ويكون معنى ﴿لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ لاتخذه ابنًا على سبيل تقدير المستحيل... انتهى بتصرف.
ثم ختم الله الآية بقوله: ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ تنزيهًا له - تعالى - عن أن يتخذ ولدًا أو شريكًا في الألوهية، هو الواحد القهار الذي لا يشركه في الأُلوهية شريك، فلا يصلح ما سواه أن يكون له ولدًا فإنه مخلوق لله، والمخلوق لا يسمى ولدًا لخالقه، ولا يصلح لذلك، فضلا عن أن يكون له شريكًا، والقهارية المطلقة تنافى قبول الزوال المحوج إلى الولد أو الشريك.
﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾

(١) لأن الولد صنو أبيه وشريكه في صفاته.


الصفحة التالية
Icon