وأما قوله - تعالى -: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ.. ﴾ فهو بيان لخلق من ذكر من بني آدم والأنعام.
والمعنى الإجمالي للآية: خلفكم من نفس واحدة هي نفس آدم، خلقها أولًا ثم جعل من جنسها زوجها ليسكن إليها، وقضى لكم من الأنعام ثمانية أصناف: الإبل، والبقر، والغنم، والمعز، ذكورها وإناثها، يخلقكم، ويخلق الأنعام خلقا مدرجا، خلقا من بعد خلق، حيوانا سويًّا مِنْ بعْدِ عظام مكسوة باللحم مصورة داخل الرحم، منْ بعْد مُضغٍ، من بعد علق، من بعد نُطَف، ويتم كل ذلك في ظلمات ثلاث، ظلمة البطن، وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، أو الصلب، والرحم، والبطن، ذلكم الذي أباع هذه العظائم هو الله ربكم المستحق وحده لعبادتكم، له الملك على الإطلاق في الدنيا والآخرة، ليس لغيره شريك في ذلك كله، لا إله إلاَّ هو، فكيف تصرفون عن عبادته مع وفور موجباتها ودواعيها، وانتفاء الصارف عنها - كيف تصرفون - إلى عبادة غيره مع كثرة الصوارف عن هذا الغير.
﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾
المفردات:
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾: ولا تحمل نفس حاملة إثمها ذنب نفس أخرى، وقال الأخفش:
لا تأثم نفس آثمة بإثم نفس أخرى: اهـ. في معناه قوله - تعالى -: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ (١):