قال الزجاج: كما لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، كذلك لا يستوى المطيع والعاصى فهو وارد على سبيل التشبيه، أي: كما لا يستوى العالمون والجاهلون لا يستوى القانتون والعاصون ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ كلام مستقل غير داخل في الكلام المأمور به، وارد من جهته - تعالى - بعد الأمر بما ذكر من القوارع الزاجرة عن الكفر والمعاصي بيان عدم تأثيرها في قلوب الكفرة لاختلال عقولهم ولا يتعظ بوعظ الله وبياناته الواضحة إلا أصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل من المؤمنين. وهؤلاء بمعزل عن ذلك.
﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾: احذروا معاصيه وامتثلوا أوامره.
﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾: فهاجروا فيها ولا تقيموا مع من يعمل المعاصي.
﴿إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ قال الأوزاعى: لا يوزن لهم ولا يكال وإنما يغرف لهم غرفًا لصبرهم على كل بلاءٍ. ويشمل الصبر على الهجرة شمولا أوليا.
التفسير
١٠ - ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ... ﴾ الآية:
أمر الله رسوله - ﷺ - أن يذكر المؤمنين ويحملهم على التقوى والطاعة إثر تخصيص التذكر بأولى الألباب. أي: قل لهم هذا بعينه وهو ﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ وفيه تشريف لهم بإضافتهم إلى ضمير الجلالة، ومزيد اعتناء بشأن المأمور به، هو التقوى فإنَّ نقل عبارة أمر الله - تعالى - أدخل في إيجاب الامتثال به.


الصفحة التالية
Icon