وإسناد القساوة إلى القلوب دون الصدور للتنصيص على فساد هذا العضو الذي إذا فسد فسد الجسد كله.
﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ أي: أولئك البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلوب في بعد عن الحق ظاهر لا يخفى كونه ضلالا على أحد.
والآية قيل: نزلت في علي وحمزة - رضي الله عنهما - وأبي لهب وابنه. وقيل: نزلت في عمار بن ياسر، وأبي جهل وذويه، والمراد منها العموم في كل من شرح الله صدره بخلق الإيمان فيه، وكل من زادته الآيات رجسا وقساوة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣)﴾
المفردات:
﴿أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ المراد به: القرآن الكريم.
﴿مُتَشَابِهًا﴾: يشبه بعضه بعضا في الصدق والبيان والوعظ والحكمة وغير ذلك.
﴿مَثَانِيَ﴾: جمع مُثَنَّى (١) بمعنى مُرَدَّد ومكرَّر من التكرير والإعادة لما كرر من قصصه وأنبائه وأحكامه ويثنى للتلاوة فلا يمل.
﴿تَقْشَعِرُّ﴾ أي: تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ المراد بذكر الله: الإِسلام وآية الرحمة ونحو ذلك.

(١) بضم الميم وتشديد النون مفتوحا، وهو جمع له على غير قياس، وقيامه مثنيات.


الصفحة التالية
Icon