وذات الصدق واليقين، ممَّا جاء به رسول الله - ﷺ - من الدعوة إلى توحيد الله، والقرآن الكريم الذي هو أقوى برهان، وأصدق بيان، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
وقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ بأسلوب الاستفهام الداخل على النَّفي لينفيه تقريرٌ وتأكيدٌ للجزاء الذي ينتظر هؤلاء المكذِّين، أي: أن في جهنم مثوى لهم أي: مقامًا متسعًا ومسكنًا دائمًا خالدًا جزاء ما افتروا على الله - سبحانه - وما سارعوا إليه من تكذيب رسوله - ﷺ -.
ووضع الظاهر في قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ موضع الضمير أي: (لهم) لتسجيل الكفر عليهم وتأكيد استحقاقهم للخلود فيها لا ينفكُّون عنها ولا تنفكُّ عنهم.
٣٣ - ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾:
الذي جاء بالصدق وصدق به هو محمَّد - ﷺ - كما أخرجه ابن جرير وغيره عن ابن عباس، والمؤمنون داخلون بحكم التبعية له فهو إمامهم، ولذلك أخبر عنه بقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾. ومثل ذلك مثل دخول الجند في الأمير بالتبعية في قولك: نزل الأمير بموضع كذا، أي: نزل وتبعه جنوده، وقيل: هو على تقدير: والفريق الذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، وحمل بعضهم الموصول على الجنس، والمراد به حينئذ الرسول والمؤمنون، وأُيد هذا الرأى بقراءَة ابن مسعود.
﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾:
والمعنى: ومحمد الذي جاء بالقرآن الحق، وصدق به هو ومن آمن معه - أولئك الموصوفون بما ذكر - هم المتقون أي: الذين وقوا أنفسهم من الشرك ومن مثوى المشركين.