التفسير
٤١ - ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾:
ظهر الفساد في البر والبحر بالجدب والقحط، والغلاء الشديد، وذهاب البركة، وكثرة المضار التي تلحق الناس والدواب، والنبات لانقطاع المطر أو قلته، وغير ذلك من كوارث البر والبحر، والبر والبحر هما المشهوران المعروفان في اللغة وعند الناس، وقال قتادة: البر: الفيافي ومواضع القبائل وأهل الصحاري، والبحر: المدن، والعرب تسمى الأمصار بحارًا لسعتها، وعن مجاهد: البر: البلاد البعيدة من البحر، والبحر: السواحل والمدن التي عند البحر. وظهور الفساد في البر والبحر بسبب شؤم ما فعله الناس من المعاصي والذنوب.
وقد ابتلاهم - سبحانه - بالفساد في البر والبحر: ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي: ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا، قبل أَن يعاقبهم بجميعها في الآخرة لكي يرجعوا عَمَّا هم فيه من المعاصي بالتوبة والإقلاع عن الذنب، كما قال - تعالى -: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (١).
والآية تشير إلى حكم عام في كل فساد يظهر إلى يوم القيامة.
٤٢ - ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾:
هذا القول الكريم مسوق لتأكيد تسبب المعاصي في غضب الله ونكاله، أي: قل لهم - أيها الرسول -: سِيرُوا فِي الأَرضِ لِتَنظُرُوا كَيْفَ أهلك الله الأمم السابقة، وأذاقهم سوء العاقبة بمعاصيهم، ففي ذلك عظة وعبرة لردع العصاة ﴿كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾: مسوق للدلالة على أن كثرة الشرك شؤم على غير المشركين؛ لأنه تهويل لأمر الشرك وتقبيح وأنه فتنة لا تصيب الذين ظلموا خاصة.