سيصيبهم في الآخرة جزاء سيئاتهم، وعقاب ظلمهم وإشراكهم، فوق ما أصابهم أشد إصابة في الدنيا من القحط والقتل والذل والهوان، فقد قحطوا عدة سنين، ولقوا ما لقوا من القتل والأسر يوم بدر، ومن الذُّل والهوان يوم فتح مكة، حيث دانوا للإسلام، وتحطمت كبرياؤهم.
﴿وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي: بفائتين ولا ناجين من العذاب في الآخرة كما وقع بهم في الدنيا.
٥٢ - ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾:
المعنى: أغفل هؤلاء وأولئك من المشركين والذين سبقوهم ممن أبطرتهم النعم، وأفسدهم الترف والغنى، فراحوا يتطاولون، ويتكاثرون - أغفلوا - ولم يعلموا أن المنعم على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم هو الله - تعالى - وأنه يبسط الرِّزق لمن يشاء من عباده ويقدر، ويضيِّق الرِّزق على من يشاء منهم، لحكمة لا يعلمها إلاَّ هو - سبحانه وتعالى -.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي: إن في ذلك الذي ذكر لآيات بينات وشواهد واضحات لقوم يستعدون للإيمان بالتفكر في حكمته وبديع صنعته، وكمال قدرته، فيهتدون بهديها، ويسلكون سبيل الخلاص والنجاة، وما أروع معنى، ولا أبدع نسقًا أن ينزل بعد هذه الآيات قول الله تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ... الآية﴾.


الصفحة التالية
Icon