التفسير
٧ - ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا... الآية﴾:
يقول القرطبي: وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، وأنه جسم مجسم خلقه الله وأمر ملائكته بحمله، وتعبدهم بتعظيمه والطواف به، كما خلق في الأرض بيتًا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة.
ويقول الآلوسي: هو جسم عظيم له قوائم الكرسى، وما تحته بالنسبة له كحلقة ملقاة في فلاة: اهـ.
وقد جاء في وصفه ووصف أجسمام حملة العرش آثار متعارضة، لا نرى داعيا لذكرها في تفسيرنا هذا.
والذي ينبغي أن نؤمن به هو أن لله عرشا عظيما هو مصدر أوامره لملائكته، ليقوموا بما يكلفون به في كون الله - تعالى -.
وإذا كان العرش هو الكرسي فإنه أكبر من السموات والأرض، كما قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾. ولابد أن يكون تكوينه أعجب وأعظم من السموات والأرض، وأن تكون فيه الهيمنة عليها والارتباط بها، وهو حادث أوجده الله بعد أن لم يكن، فقد جاء في الحديث الصحيح: "كان الله ولا شيء معه، وكان عرشه على الماء".
ويجب الإيمان بأن العرش ليس موضعا لجلوس الله - تعالى - فإنه - تعالى - ليس كالأجسام حتى يحتاج إلى مكان ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١).
ولم أر حديثا صحيحا في كون العرش له قوائم، فإذا كان العرش يسع السموات، والأرض فما حاجته إلى القوائم، وعلى أي شيء يرتكز والسموات دونه كحلقة ملقاة في فلاة، إنه حينئذ يكون شأنه كشأن السموات في أنها بغير عمد ترونها، فهو مرفوع مثلها

(١) سورة الشورى من الآية: ١١.


الصفحة التالية
Icon