وقيل: إنهم يمقتونها حين يقول لهم الشيطان: ﴿فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (١)، وقيل: حين دخولهم النار.
ونحن نقول: إنه لا مانع من أن يمقتوا أنفسهم في ذلك كله. والذين ينادونهم هم خزنة النار، وقيل: هم المؤمنون ليضاعفوا حسرتهم.
ومعنى الآية: إن الذين كفروا بالله ورسله، ينادون حين يمقتون أنفسهم لتسببها في عذابهم - ينادون - حينئذ من الملائكة أو من المؤمنين: لَبُغْضُ الله لكم أشد من بغضكم لأنفسكم، حين تدعون من أنبيائكم إلى الإيمان فتكفرون، مع وضوح الحجة وسطوع البرهان، فحق عقابكم لبغض الله لكم بسبب كفركم.
﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١)﴾
أفادت هذه الآية أن الكفار يسترحمون ويطلبون من الله الرجوع إلى الدنيا، ليعملوا من الصالحات ما فاتهم، ويتوسلون إلى ذلك، بأنه قادر على تحقيق ما يطلبون فقد أماتهم مرتين، وأحياهم مرتين، فهم يرجون الإحياء مرة ثالثة.
والمقصود من إماتة المرة الأولى: أنه جعلهم ترابًا لا حياة فيه قبل خلق آدم منه، قال ابن مسعود: هذه الآية كقوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (٢). وبهذا قال ابن عباس والضحاك وغيرهما.
وقال السدى: أميتوا في الدنيا ثم أُحْيُوا في قبورهم، ثم أميتوا ثم أحيوا يوم القيامة وقيل غير ذلك.
(٢) سورة البقرة الآية: ٢٨.