﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)﴾
فهذه الآية تعليل للمنع من إجابتهم، المطوى بين الآيتين، أي: ذلكم المنع بسبب أن سجاياكم لا تقبل الحق ولا تقتضيه، بل تجحده وتنفيه، فأنتم هكذا تكونون وإن رددتم إلى الدنيا، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. انتهى بتصرف.
﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾: فهو الحكم العدل في خلقه، ولا حُكم يوم القيامة لسواه، وقد حكم للمؤمنين بالجنة هم فيها خالدون، وحكم على الكافرين بالنار هم فيها لا يخرجون.
﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣)﴾
الخطاب هنا لجميع البشر، فآيات الله مرئية لعباده جميعا، وحجته قائمة عليهم.
والمعنى: الله هو الذي يريكم آياته الدالة عليه في السموات والأرض، من الذرة إلى المجرة، وهو الذي يطعمكم ويسقيكم، حيث ينزل لكم من السماء أمطارا هي السبب الأول في أرزاقكم، فمنها تشربون، وبها تروون زروعكم وبساتينكم، فيخرج لكم بفضله أنواعا مختلفة من الطعام والفاكهة العجيبة الشأن، الكثيرة الألوان - صيفا وشتاءً: - وكلها تستقى بماء واحد، ويفضل الله بعضها على بعض في المذاق والغذاء والدواء، وما يتذكر ويتعظ إلا من يرجع إلى الله عن طاعة نفسه الأمارة بالسوء، والشيطان الذي يفسد على الناس عقولهم، وأفكارهم، ويرجع عن تقليد الآباء في عقائدهم، فهذا هو المنيب إلى الله، الراجع إليه من الصوارف عن الهدى.