﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ﴾ أي: مثل جزاء ما دأبوا عليه واعتادوه من الكفر وإيذاء الرسل.
﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾ أي: يوم القيامة وسمى بذلك؛ لأنه ينادى فيه بعضهم بعضا للاستغاثة، أو يتصايحون فيه بالويل والثبور.
التفسير
٢٩ - ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾:
هذا من قول مؤمن آل فرعون، وفي قوله: ﴿يَا قَوْمِ﴾ دليل على أنه قبطى، ولذلك أضافهم إلى نفسه ليكون أقرب إلى قبول وعظه حيث قال: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: غالبين على بني إسرائيل في أرض مصر لا يستطيع أحد أن يقاومكم فيها في هذا الوقت. فاشكروا الله على ذلك وآمنوا.
وكون المراد بالأرض: أرض مصر قول السدى وغيره.
﴿فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾ قال ذلك تحذيرًا لهم من نقم الله إن كان موسى صادقًا، أي: فلا تفسدوا أمركم، ولا تتعرضوا لعذاب الله بقتله، فإن العذاب إن جاءنا لم يمنعنا منه أحد، والاستفهام إنكارى. وإنما نسب ما يسرهم من الملك والظهور في الأرض إليهم خاصة ونظم نفسه معهم فيما يسوءهم من مجىء بأس الله - تعالى - تطييبا لنفوسهم، وإيذانًا بأنه مُناصح لهم ساع في تحصيل ما يُجْدِيهم، ودفع ما يرديهم سعيه في حق نفسه ليتأثروا بنصحه، وعندما سمع فرعون ذلك الذي نصحهم به قال: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾ أي: ما أشير عليكم إلاَّ بالذي أراه وأسْتَصْوبه لنفسي من قتله، ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ أي: وما أهديكم بهذا الرأى من قتل موسى والإيمان بي إلا سبيل الصلاح والصواب. وما أُعلمكم إلا ما أعلم. ولا أسر عنكم خلاف ما أظهر. يعني أن لسانه وقلبه متواطئان على ما يقول.
ولقد كذب حيث كان مستشعرًا للخوف الشديد من جهة موسى، ولكنه كان يتجلد، ولولاه ما استشار أحدا أبدا.


الصفحة التالية
Icon