٣٥ - ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾:
قال الزجاج: المراد بالذين يجادلون: كل مسرف مرتاب وهم يجادلون في الله بغير حجة صالحة للتمسك بها لا نقلية أتتهم من جهته - تعالى - على أيدى الرسل - عليهم السلام - ولا عقلية استنبطوها من الكون.
﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ هذا من كلام مؤمن آل فرعون، وقيل: ابتداءُ خطاب من الله - تعالى - وهو تقرير لما أشعر به الكلام السابق من ذمهم، وفيه ضرب من التعجب والاستعظام، أي: كبر بُغْضًا جدالهم في آيات الله بغير حجة - كبر بغضًا عند الله وعند المؤمنين.
﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ أي: كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين، فكذلك يطبع على قلب كل متكبر جبار، فيصدر عنه أمثال ما ذكر من الإسراف والارتياب والمجادلة بغير حق، وقرئ بتنوين قلب، فما بعده صِفته. ووصف القلب بالتكبر والتجبر؛ لأنه منبعهما.
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (٣٧)﴾
المفردات:
﴿ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ أي: بناءً عاليًا كالقصر، من صَرَحَ الشيءُ: إذا ظهر.
﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ أي: طرقها وأبوابها جمع سبب وهو كل ما يتوصل به إلى الشيء.
﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ أي: وما مكره واحتياله في إبطال آيات الله لموسى إلاَّ في خسران وهلاك، يقال: تبَّ الله فلانا أي: أهلكه، وتبت يداه أي: هلكت أو خسرت.