يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} يحتمل الفسحة في الزمان حتى يحصل التقلُّب من اليأس إلى الاستبشار فجأة ﴿مِنْ قَبْلِ﴾ بعده مؤكِّدًا، للدلالة على الاتصال، ودفع ذلك الاحتمال. وقال الزمخشرى: أُكِّد ليدل على بُعْد عندهم بالمطر، فيفهم منه استحكام يأْسهم.
٥٠ - ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾:
الخطاب لكل من يتأتى منه النظر، أي: فانظر نظر تفكير وتأمل إلى آثار رحمة الله المترتبة على إنزال المطر: من إحياء الأرض بعد موتها، وإنبات الزروع وأنواع الثمار، وفي الأمر بالنظر إلى إحياء الله - تعالى - للأرض إحياءً بديعًا بعد موتها، التنبيه إلى عظيم قدرته - تعالى - وسعة رحمته - عَزَّ وَجَلَّ - مع ما فيه من التمهيد لما يعقبه من أمر البعث.
يعني: أن ذلك القادر العظيم - الذي أحيا الأرض بعد موتها هو الذي يحيي النَّاس بعد موتهم، فهذا استدلال بإحياء الموات على إحياء الأموات؛ فإنه إحداث لمثل ما كان في مواد أبدانهم من القوى الحيوانية، كما أن إحياء الأرض إحداث لمثل ما كان فيها من القوى النباتية، فهو استدلال بالشاهد على الغائب، ثم ختمت الآية بقوله - سبحانه -: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ تقرير لمضمون ما قبله، أي: أنه بالغ القدرة على جميع الأشياء التي من جملتها إحياءُ الموتى؛ لأن نسبة قدرته - عَزَّ وَجَلَّ - إلى جميع المقدورات سواءٌ، وهذا من المقدورات بدليل الإنشاء والبدء.