سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (١) وكقوله - تعالى -: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (٢) ومرة يكون قداره خمسين ألف سنة، كقوله تعالى -: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (٣) وقد يكون أكثر من ذلك.
وحيث كان الأَمر كذلك فالأيام التي خلق الله فيها الأَرض والسموات لا نستطيع تقدير اليوم فيها بألف سنة، أو بخمسين ألف سنة، أو بأَكثر من ذلك حسب سنة التطوير التي أرادها الله في تكوينها، وحيث أَمسك القرآن والسنة عن بيان مقدار اليوم في خلقهما، فعلينا أَن نمسك عن الحدس والتخمين فيه.
ولفظ (إنَّ) في (أَئِنَّكُمْ) لتأْكيد الإِنكار، وقدمت عليها همزة الاستفهام الإِنكارى لأَن لها الصدارة، أو الإِشعار بأَن كفرهم المؤكد من البعد بحيث ينكر العقلاء وقوعه مع وجود هذه الآيات المقتضية لعميق الإيمان.
والمعنى: قل أَيها الرسول منكرا على المشركين أشد الإِنكار، ومشعرا بأَن كفرهم مع هذه الآيات لا يعقل، قل لهم: لماذا تكفرون بالذي خلق الأَرض في يومين، وتلحدون في ذاته وصفاته، حيث جعلتم له أندادا وشركاء عبدتموهم معه - تعالى - مع أنهم لا شأْن لهم في خلقها؟!
واعلم أَن المراد بالأرض الأرضون السبع، كما جاء في قوله - تعالى -: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ (٤) ﴿ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ أَي: ذلك العظيم الذي فعل كل ذكر هو رب العالمين، وخالق ما كان وما يكون، إنه هو الذي يَمُدُّ كل مخلوق بأسباب حياته وبقائه، ويمنحه مقومات وجوده بيسر وسهولة: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (٥).
(٢) سورة الحج، من الآية: ٤٧.
(٣) سورة المعارج، الآية: ٤.
(٤) سورة الطلاق، من الآية: ١٢.
(٥) سورة يس الآية: ٨٢. وكان ابن عباس يرى أَن الأرضين الست الأخرى فيها مكلفون مثلنا في أرضنا هذه.