في هذه الآية تسلية للنبي - ﷺ - عما يصيبه من أذية كفار مكة، من طعنهم في القرآن ووصفه - ﷺ - بالسحر، والشعر، والكذب، والجنون.
والمعنى: ما يقال لك - أَيها الرسول - من الكفار، إلا مثل ما قيل للرسل قبلك من أَقوامهم كما قال - تعالى -: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ (١).
فاصبر على مقالاتهم كما صبر الرسل من قبلك على مقالات قومهم، فلا عليك من تكذيبهم، ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ﴾ لأوليائه، ﴿وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ لأعدائهم، فينصر أولياءَه وينتقم من أَعدائهم.
ويصح أَن يكون المعنى: إن ربك لذو مغفرة لمن آمن من قومك، وذو عقاب أليم لمن بقى منهم على كفره.
ويصح أَن يكون المعنى: ما يقال لك من الله إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، وهو:
﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ فتلك المقاله لله لمواساتك ومواساة المرسلين قبلك، فاصبر كما صبروا فسينصرك الله كما نصرهم، ويعاقب أعداءَك كما عاقب أَعداءَهم.
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)﴾

(١) سورة الذاريات، الآية: ٥٢.


الصفحة التالية
Icon