التفسير
١٢ - :﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾:
كلام مستأْنف مسوق لبيان بطلان الشرك بالنَّقل بعد الإشارة إلى بطلانه بالعقل.
والمعنى: ولقد أعطينا لقمان العقل والفهم والإصابة في القول، وأمرناه أن يشكر الله - عزَّ وجل - على ما آتاه ومنحه من الفضل الذي خصَّه به دون سواه من أبناء جنسه وأهل زمانه، ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه لأَنه إنما يعود نفع ذلك وثوابه عليه، ومن كفر النعم وجحدها ولم يشكرها فإنما يكفر على نفسه؛ لأنَّ ضرر كفره عائد عليه، لأنَّه - تعالى - غنيّ لا يحتاج إلى الشكر، ولا يتضرر بالكفر، حميد حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد، أو محمود بالفعل، ينطق بحمده - تعالى - جميع المخلوقات بلسان الحال.
١٣ - ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾:
واذكر إذ قال لقمان لابنه وهو ينصحه ويذكره بما هو خير له، نصيحة أب محبٍّ لولده مشفق عليه، فهو حقيقٌ أن يمنحه أفضل ما يَعْرف، ويسُوق إليه كل ما فيه الخير له: ولهذا أوصاه أوَّلًا بأن يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا، وقال محذرًا: إن الشرك لظلم عظيم، أي: أعظم الظلم.
روى الإمام البخاري بسنده المتصل عن عبد الله قال: لمَّا نزلت ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شقَّ ذلك على أصحاب رسول الله - ﷺ - وقالوا: إيمانه بظلم؟ فقال رسول - ﷺ -: "إنَّه ليس بذاك، ألاَ تسمع إلى قول لقمان: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ورواه مسلم من حديث الأعمش - اهـ: ابن كثير.
وإنما كان الشِّرك ظلمًا عظيمًا لأن التسوية بين من لا نعمة إلاَّ منه وما لاَ نعمة منه البتة، ولا يُتصور أن تكون منه نعمة، إنما هو ظلم لا يُكْتنه عِطَمُهُ.
وقوله - تعالى -: ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ قال الراغب: الوعظ: زجر مقترن بتخويف.
وقال الخليل: التذكير بالخير فيما يرق له القلب.


الصفحة التالية
Icon