إمام أُمته وأُسْوتها: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُواللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (١).
ويدخل في عموم هذه الآية - كما قال ابن كثير - حديث معاذ قال: قال النبي - ﷺ - حين بعثه إلى اليمن: "بِمَ تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله - ﷺ -. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضى رسول الله".
وقد ختم الله الآية بالتحذير من مخالفة هذا النهي فقال: (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي: وخافوا الله واجعلوا لأنفسكم وقاية من عقابه، فإنه سميع لأقوالكم عليم بها، وبأعمالكم، فيجزيكم اللائق بامتثالكم أو مخالفتكم.
المعنى الإجمالي للآية:
يا أيها الذين آمنوا اتَّبعُوا رسول الله ﷺ في أقواله وأفعاله، ولا تسبقوه بالحكم في أمر من أمور الدين أو سياسة الأُمة، فإن ذلك ليس من حقكم، بل انتظروه حتى يحكم فيه فهو إمام أُمته، إن الله عظيم السمع واسع العلم، فيسمع أقوالكم، ويعلم بها وبأعمالكم فيجازيكم بالخير إذا امتثلم، ويعاقبكم إذا خالفتم.
بعض ما يستنبط من أحكام الآية:
تعتبر الآية أصلًا في إيجاب اتباع رسول الله - ﷺ - وعدم مخالفته في قوله أو فعله، فإنه كما قال - تعالى -:
"وما ينطق عن الهوى | إن هو إلا وحيٌ يوحى" (٢). |
(٢) سورة النجم، الآيتان: ٣، ٤.